أرشيف

(الورّادة الحالمة).. هربت من حمل الحطب في القرية لتبيع الهوى في العاصمة..

(أحلام) فتاة ريفية في العشرينيات من عمرها.. تخرجت من الثانوية في مدرسة قريتها لتجد نفسها ضحية (الحما والظما) في أسرة كادحة ليس لديها من الأملاك إلا ما يسد رمقها بالكاد فوالدها عامل بالأجر اليومي وشقيقاتها جميعهن إناث إلا أن أحلامها بتبسم العيش في القادم من الأيام ظلت تحلق بها عالياً في عنان السماء.

في جبال وأودية قريتها ظلت (أحلام) تحلم بفارس الأحلام الذي ينتشلها من حياة الفقر والجوع والعطش ويطير بها صوب المدينة ويريحها من شتات القرية وجلب الماء والحطب، ولكن حظها العاثر أبى إلاَّ أن يقف في وجه كل طموحاتها بالإنتقال إلى المدينة وكانت نهاية النهاية في دفتر الأحلام عندما تقدم لخطبتها ابن عمها الذي قبلت به الأسرة نزولاً عند تنفيذ ما جرت عليه العادات والتقاليد بأن الفتاة لن تلاقي أفضل من ابن عمها وبالفعل كانت الخطوبة وتلاها حفل الزفاف الذي لم يكن أكثر من مأتم بالنسبة لها.

مع ابن عمها القروي أمضت (احلام) ثلاثة أشهر من الحياة المريرة نفسها ومع تقادم الأيام شعرت أنه محكوم عليها بالشقاء المؤبد مدى العمر ومن وسط هواجسها وهمومها غرقت في بحر التفكير ولم تجد أمامها سوى التخطيط لإيجاد طريقة للخلاص من القرية ومتاعبها ووجدت ضالتها في أحد شباب القرية والذي قدم من العاصمة لقضاء فترة إجازة قصيرة.

كانت بداية الخيط أن قامت (أحلام) بنسج علاقة غرام مع ابن قريتها الشاب الطائش الذي بدأ يبادلها نظرات الإعجاب أثناء خروجها لجلب الماء من المورد وتطورت الأمور سريعاً وبدأت أحاديث الغرام تتشعب وبواسطة الرسائل راحت المحرومة تشرح له معاناتها مع زوجها الذي ارتبطت به رغماً عنها ومن جانبه أظهر لها الإشفاق وأسمعها من عبارات الحب والغزل ما جعل كل حواجز الحياء والعادات والأعراف تذوب من عقلها الذي لعب به تماماً كما لعب بعواطف الأنوثة الكامنة في أعماقها حتى اكتسبت الشجاعة في التمرد على حياة الفقر والبؤس التي عاشتها في بيت أبوها وبيت زوجها.

ومن خلال الرسائل التي كانت تضعها له في مكان محدد على الطريق المؤدي الى مورد الماء اتفقت معه على موعد خطة الخلاص من جحيم العذاب النفسي الذي تعيشه.. وبالفعل كان الشاب في المكان والموعد المتفق عليه عندما جمعت (أحلام) بعض من ملابسها في كيس وخرجت من منزل الزوج الغارق في النوم وتحت جنح الظلام هربت مع فتى أحلامها وعلى ضوء فانوس غرفتها الخافت من بعيد على مشارف القرية ودعت كل شيء وبدأت مشوار حياة جديد بإتجاه أمانة العاصمة.

وصل العاشقان إلى العاصمة وفي المنزل الذي أستأجره ذلك الشاب تنفست (أحلام) أريج الحرية والراحة التي كانت تحلم بها ، ولكن دون عقد شرعي.

غياب (أحلام) المفاجئ أذهل القرية بأكملها وراح الجميع يتناقل أخبارها بينما ذهب الأهل للبحث عنها يحدوهم الشوق العارم لدفن الفضيحة وغسل العار ولكن كل جهودهم باءت بالفشل.. فشكوا في اختفاء ذلك الشاب ولكنهم أيضاً لم يعثروا له على أثر في العاصمة فقد اختفى تماماً وغيّر مكان سكنه وترك العمل فعادوا أدراجهم إلى القرية يجرون أذيال الخيبة والعار الذي لصق بهم.

قصة اختفاء الشاب المفاجئة هذه والتي وجد نفسه مجبر عليها ترتبت عليها الكثير من الأعباء التي لم يحسب لها العاشقان حساب فلم يكد يمر الأسبوع الأول حتى أكملا صرف كل ما بحوزتهما من الفلوس وبدأت الحاجة تضيق حول راحتهما الخناق.. فكر الشاب من أين سيدفع إيجار المنزل نهاية الشهر وقبل هذا وذاك من أين سيأتي لمليحته بمصاريف الأكل والشرب.. ولم تستمر حيرته كثيراً فسرعان ما طرأت على باله فكرة تكليف الفتاة الهاربة بالمهمة ومن ساعته قام بإقناعها ببيع الهوى وتوفير الفلوس وحاول إخافتها بأنها إذا لم تعمل ذلك فإن فضيحتهما ستنكشف وستكون العواقب وخيمة..

عملت (أحلام) بكلام الشاب الذي تأكدت أنه الحل الوحيد والصحيح لضمان بقاءهما في مخدع السعادة الكاذبة  وفي الغد خرجت إلى الشارع ومن يومها تعرفت سريعاً على أحد الشباب والذي أخذها معه للوناسة والتخزينة مقابل إعطاءها المبلغ المتفق عليه ومن ثم قام بتعريفها على بعض أصدقائه ولم تمر سوى فترة وجيزة حتى بدأت الفلوس تجري في يدها فراحت تخرج إلى الشارع بكامل زينتها لجذب المزيد من الزبائن الذين ضاقت بأرقامهم ذاكرة هاتفها الجوال.. استغلت جمالها وسحر عيونها وراحت تغزل حولهم الشباك لتوقعهم في براثن أنوثتها ومفاتن جسدها فوجدت الكثيرين يتابعون حركاتها بنظرات الإعجاب.

في أحدى الممرات خرجت (أحلام) مع أحد الزبائن في سيارته وأخذها إلى أحد الأماكن المشبوهة وأثناء خلوتهما فجأة داهمت الشرطة المكان فضبطتهما وتمت إحالتهما إلى النيابة وهناك كشفت (أحلام) حكاية هروبها السري من مغادرة القرية إلى يوم الفضيحة.

زر الذهاب إلى الأعلى